الثلاثاء، 26 مايو 2009

الدين أفيــــون الشعوب

-
ما هو تحليلك لمقولة كارل ماركس الدين أفيون الشعوب.

لكلّ مقولة ظروفها التي قيلت فيها.
فكارل ماركس شأنه شأن أي مفكّر آخر، لا يمكن أن يكون كلّ ما يقوله صالحا لكلّ زمان ومكان، فإن كان في عهده الدين هو سلاح الطبقات الإقطاعية، من خلاله تبرّر الاضطهاد والإستغلال، حيث تصوّر البؤس والشقاء كإبتلاء من الله، وأن الناس ليس لهم سوى الرضا عن ما كتبه الله على جبينهم.. وأن السعادة لا توجد إلاّ في الآخرة.. وأن من سيخلّص البشرية من العبودية ليس نضالهم ضد من يستعبدهم وإنما هو المسيح أو المهدي الذي سيظهر في آخر الزمان.. إلى آخر المعزوفة..
أقول هذا الكلام، لأن في هذا العصر على الأقل، رأيت بأمّ عيني كيف ساهم الدين في بعض المناطق من العالم في تأجيج نضال بعض القوى ضد الإحتلال ومنها العـــراق.
فالذي يلبس حزاما ناسفا وهو مدفوع بشحنة دينية ويفجّر ذاته في تجمّع لقوات العدو، فهذا إن كان مخدّرا بالدين، فنعمَ هذا التخدير اللذيذ..
وهذا لا يعني أن الدين لم يعد أفيونا لتخدير الشعوب، فذات هذا العراق مثلا تجد فيه من يسوّق للإحتلال بإسم الدين، وهي مجموعة من الأحزاب وليست من طائفة واحدة: حزب الدعوة، المجلس الأعلى، الحزب الإسلامي، السيستاني...
ثمّ أن الدين حمّال أوجه (ليس القرآن فقط، فحتى الكتب الأخرى كذلك)، فالذي يقاوم يقول لك: وأعدّوا لهم ما إستطعتم..، والذي يساوم يقول لك: وإذا جنحوا للسّلم فأجنح لها..
المهم،
في هذا العصر لم يعد الدين فقط يمكن أن يكون أفيونا، فحتى العقلانية والديمقراطية والعلمانية والإشتراكية والشيوعية.. يمكن أن تكون أفيونا، والأمثلة كثيرة: فكثيرا من الأحزاب الشيوعية مثلا تجنّد أتباعها للدفاع عن الإحتلال وللدفاع عن الهيمنة الأمريكية في كلّ مناطق العالم بدعوى محاربة الإرهاب، وكأنّ أمريكا ليست أكبر قوّة إرهابية في العالم.
أكيد، هناك من سيقول أن هذه الأحزاب لا علاقة لها بالشيوعية، والأكيد أيضا أن هناك من سيقول أن الأحزاب الدينية لا علاقة لها بالدين..
لذلك، وبالنسبة لي لم يعد الفرز يعتمد على الموقف الكلاسيكي (شيوعي، إسلامي، قومي،..) وإنما الفرز الذي أجده مناسبا هو: وطني/عميل.

-