الأحد، 1 نوفمبر 2009

الديمقراطية، ماذا تعني بالنسبة لك؟ ما هي الديمقراطية في الماركسية؟ هل تتعارض أو تتوافق الديمقراطية مع الماركسية؟

_
وكما يقول المثل : هات من الآخر، سأبدأ من السؤال الأخير، السؤال يقول : « هل تتعارض أو تتوافق الديمقراطية مع الماركسية؟» ومعين الماركسي يجيب : إذا تعارضت الديمقراطية مع الماركسية فأنا أرفضها، وإذا إتفقتْ معها فلا حاجة لي بها.

أكيد، كل من يقرأ هذا الكلام، وخاصة عندما يكون ديمقراطي، سيلعن أبو الماركسية على أبو معين على أم الشيوعية.. لكن المشكل أن هذا اللعن لا يصلح حتى لمقايضته بالتراب (يعني لا قيمة له). والسبب أن كلّ من هبّ ودبّ يرفض الديمقراطية عندما لا تتفق مع مصالحه، والأمثلة كثيرة، وهذه بعضها :

• تشافيز ديكتاتور!!!، هذا ما يقوله الديمقراطيون عنه، رغم أن وصوله للسلطة كان وفق إنتخابات لا غبار عليها...

• حزب إسلامي ينجح في إنتخابات ديمقراطية، فتزلزل الأرض زلزالها وتخرج أثقالها ويقول الليبرالي مالها..

• حزب نازي ينجح في إنتخابات في قارة الديمقراطية (أوروبا)، فتُعلن حالة الإستنفار القصوى في صفوف القوى الديمقراطية...

• بوريس يلسن يحاصر البرلمانيين في كعبتهم ويضربهم بالمنجنيق، فيخبروننا بأنه يدافع عن الديمقراطية...

• زعيم اليمين الفرنسي (لوبان) يفوز في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، فيخرج الديمقراطيون في مظاهرات ينددون..

الأمثلة كثيرة، لكن هذا لا يعني أن الأمثلة هي القاعدة، ولا يعني أيضا أنه يمكننا رصد القاعدة إنطلاقا من أمثلة متناثرة، فالديمقراطية كقيمة تستهوي الجميع لكنها كمفهوم يفترق حولها هذا الذي نتصوّره "جميع"، فهذا "الجميع" هو طبقات ذات مصالح متناقضة، لذلك تتناقض المفاهيم حول الديمقراطية، وتاريخيا أنتجت البشرية عدّة مفاهيم حول الديمقراطية، أهمها المفهوم الماركسي الذي لا يُهمل البعد الطبقي للديمقراطية. وهنا أصل للسؤال الثاني : « ما هي الديمقراطية في الماركسية؟ » الديمقراطية في مفهومها الماركسي لا تنفصل عن الديكتاتورية بل هي الوجه الثاني للديكتاتورية، فديكتاتورية البروليتاريا تعني ديمقراطية الطبقة العاملة، والديمقراطية البرجوازية تعني ديكتاتورية البرجوازية. وحتى تتضح المسألة أكثر، أقول : كثيرا ما نقرأ أو نسمع أن : الديمقراطية هي حكم الشعب، هي إختيار الشعب لمن يحكمه عن طريق صندوق الإقتراع. لكن، هذه المفاهيم تحمل مغالطة، فالشعب منقسم إلى طبقات إجتماعية ذات مصالح متناقضة، والطبقة أو الإئتلاف الطبقي الذي يتحكم في شرايين الإقتصاد (الشركات، البنوك، وسائل الإعلام...) هو الذي سيفوز في أي إنتخابات مهما كانت شفافية ونزيهة كما يقال. فلو أخذنا المثال الأمريكي على سبيل الذكر، فلا أحدا ينكر أن هناك أحزابا تتنافس، لكن في الأخير هذه المنافسة تنحصر بين الحزبين (الجمهوري والديمقراطي)، والسبب أن هذين الحزبين هما في الواقع إئتلاف شركات تتحكم في الآلة الإعلامية الضخمة التي تفبرك الرأي العام. لذلك، فهذه الديمقراطية التي يروجون لها هي في التحليل الأخير شكل من أشكال الديكتاتورية التي تحمل قناع التعدّد، وهي ما يسمّى بالديمقراطية البرجوازية أو ديمقراطية رأس المال. فكلّ طبقة اجتماعية تصل إلى السلطة يكون شكل حكمها ديمقراطي بالنسبة إلى حلفائها، وهو ديكتاتوري في نفس الوقت بالنسبة إلى أعدائها. فالفصل بين الديمقراطية والديكتاتورية هو فصل اعتباطي، فلا يوجد هناك حكم ديمقراطي في المطلق وآخر ديكتاتوري في المطلق. وكثيرا ما يتحفنا الإخوة "الليبراليون العرب الجدد"، بتنظيرات من نوع أن الديمقراطية في الغرب (يقصدون الديمقراطية البرجوازية) تعطي هامش كبير من الحريّة، وتسمح بالنقد، وبتعدّد الآراء والأحزاب والتنظيمات، وبالتداول... هذا الكلام صحيح، لكن هناك عدّة ملاحظات يمكن الإشارة لها:

* كثيرا ما نسمع أن الوزير الفلاني أو رئيس الحكومة الفلانية وقعت محاكمته، وأكيد هذا الخبر يجعلنا أمام إختيار وحيد : الديمقراطية في الغرب الرأسمالي هي قمّة التحضّر. لكن لو تفحّصنا التهمة الموجهة لهذا الوزير، سنجدها : الرشوة، سوء إستعمال النفوذ، التهرب من الضرائب،... يعني، لا تجد تهمة من نوع : إستغلال العمال، طرد العمال، شن الحرب على دولة مجاورة، إستعمار بلد...

* الأحزاب في البلدان الرأسمالية، هي ائتلاف شركات، لذلك فإن أحزابها الحاكمة هي نسخة من مجلس إدارة مجموعة شركات، تكون الكلمة الأخيرة فيها للشركة الأقوى، وهنا لا يهمم من يكون إسم رئيس الحزب بقدر إهتمامهم بالسياسة التي سينتهجها الحزب. أما في بلدان ما يسمى بالعالم الثالث، أي بلدان الإقطاع بأنواعه العشائري والقبلي والطائفي... فأحزابها الحاكمة هي نسخة من مجلس العشيرة يكون فيها رئيس الحزب بمثابة شيخ العشيرة أو القبيلة، لذلك لا يغادر موقعه إلا بأمر من عزرائيل كما يقال، ويخلفه إبنه في غالب الأحيان.

وفي الأخير، أختم بالسؤال الأول : « الديمقراطية، ماذا تعني بالنسبة لك؟ » صحيح أن هذا السؤال يمكن الإجابة عليه بـ : الديمقراطية بالنسبة لي تعني حرية التعبير، وحرية إختيار الحاكم، وفصل السلطات، وإستقلال القضاء.. لكن هذا لا يفي بالغرض، لأنه محل إتفاق (على المستوى النظري) بين الجميع. لذلك، سأتحدث عن الديمقراطية التي أسعى لها، والتي أختلف حولها مع عديد الأطراف.

أولا : ديمقراطية العمال أو ديكتاتورية البروليتاريا حاليا لا تعنيني، لأن مجتمعاتنا العربية ليست مجتمعات رأسمالية حتى نبحث عن هذا النوع من الديمقراطية.

ثانيا : الديمقراطية البرجوازية، كان من الممكن أن تسود في المجتمعات العربية، لكن الإستعمار لم يترك لها أي أمل حين قضى على التطور الطبيعي لهذه المجتمعات.

ثالثا : الديمقراطية الشعبية، وهي ليست منفصلة عن المسألة الوطنية أو قل عن التحرر الوطني من الهيمنة الإمبريالية. فالوطن العربي خاضع في جلّ أقطاره إلى الهيمنة الأمريكية البريطانية الفرنسية (اقتصاديا وسياسيّا وثقافيّا)، وهو خاضع أيضا إلى استعمار عسكري مباشر في العراق وفلسطين. هذا الوضع أفرز استقطابا طبقيّا في كلّ قطر، فمن جهة برجوازية عميلة متحالفة مع الإقطاع وتسيطر على السلطة السياسيّة وتتحكّم في كل دواليب الإقتصاد والثقافة.. ومن جهة ثانية طبقات شعبية ( عمال، فلاحين، أجراء، موظفون، برجوازية وطنية...) رازحة تحت الاضطهاد والقمع المادي والفكري والثقافي... هذا الاستقطاب ليس أبدي، وبالإمكان فعل الكثير من أجل محاصرة نتائجه السلبية، كخطوة نحو تغييره تغييرا جذريّا لصالح الطبقات الشعبيّة. ومن هنا يبرز دور الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني في الدفع نحو خلق حركيّة سياسية وثقافيّة من شأنها أن تساهم في بلورة ثقافة وطنيّة ديمقراطيّة نقيض للجهل والشعوذة والتخلـّف ومعاديّة للهيمنة الاستعمارية، ومن شأنها أيضا أن تخلق قطب سياسي نقيض للقطب الرجعي الذي يتصدّر المشهد السياسي والثقافي والإعلامي...
__

ماذا تعني لك الحريّــة؟

الحريّة بمفهومها المطلق هي عدم الخضوع إلى أيّ قيد. وهذا غير ممكن، فهناك على الأقل قوّة جاذبية الأرض التي تمنعك من الطيران. لذلك فالحريّة بإمكاننا أن نفهمها على أنها السعي للتغلّب على القيود، وهذه القيود أنواع : منها ما هو طبيعي (الجاذبية.. حرارة الشمس.. البرد..)، ومنها ما هو اجتماعي (عادات.. تقاليد.. دين.. استغلال.. اضطهاد.. ). القيود الطبيعيّة لا يمكن إلغاؤها، بل يمكن الحدّ من تأثيرها اعتمادا على العلم والتكنولوجيا.. كإستخدام قوّة الدفع المعاكس لقوّة الجاذبية (الصواريخ.. الطائرات..). أما القيود الإجتماعية فيمكن إلغاؤها إعتمادا على نضال القوى المتضررة منها، وهذا النضال يبدأ بالرفض الفردي ويمكنه أن يصل إلى العصيان والتمرّد الجماعي على هذه القيود. لذلك، وإنسجاما مع سؤالك أقول : حريّتي موضوعية أكثر منها ذاتية، لأن حريّتي الذاتية بإمكاني أن أمارسها في بيتي بسهولة، لكن الأمر سيكون صعبا جدّا لو أشعلتُ سيجارة في عزّ الضهر وفي شهر رمضان وأنا أتمشى في الشارع.
_

التصوف

_
في مرحلة تاريخية ما، أعتقد في منتصف القرن الهجري الأول، عندما تفجر الصراع على السلطة بين صحابة رسول الله (المبشرون بالجنة)، برزت ظاهرة التزهّد كرد فعل سلبي على هذا الصراع الدموي، وأقول سلبي، لأنه إتخذ شكل عزلة، لا عن أحداث الصراع السياسي فقط، بل عن كل حركة النشاط العملي الإجتماعي بوجه عام. هذه الحركة بدأت سلبية عدمية، ثم أخذت طريقها إلى التحول نحو ملاذ ورمز لمعارضة الإستبداد السياسي والظلم الإجتماعي، ثم مضت في تطورها حتى تحولت الى شكلها الأعلى : التصوف. والتصوف هو شكل أعلى للتزهد لأنه يعبّر عن موقف إيديولوجي، حيث برزت مطارحات حول : نظرية المعرفة، الظاهر والباطن، الموقف من الشريعة، الإشراق، وحدة الوجود... لذلك، فالمتصوفة الإسلاميين والذين هم نتاج للصراعات الإجتماعية على مستوى الفكر في عصرهم، كان لهم دور إيجابي في دفع حركة التفلسف حيث برزت عدة مدارس فلسفية ساهمت في تقديم إضافات للفكر الإنساني.
__

الدعــارة

_
ما يسمّى بالدعارة هو علاقة جنسية بين طرفين خارج إطار مؤسسة الزواج، هذا تقريبا ما هو سائد عند الناس.
* تاريخيّا، العلاقة الجنسية بين طرفين لم تكن تحتاج لأيّ تقنين، لأن القانون تُصدره هيئة أو جهة قانونية، والناس لم يصنعوا قوانين إلاّ في مراحل متأخرة من تطوّر مجتمعاتهم (ظهور الدولة). لذلك، فالقانون هو الذي منع هذه العلاقة الجنسية التي كانت متاحة لكل من رغب فيها، وجعلها خاضعة لإذن مسبّق من الحكومة وفق تراتيب قانونية (عقد قران). يعني، بالنهاية، ما يُسمّى دعارة هو ممارسة لحق طبيعي يمنعه القانون.
* دينيّا، الدعارة هي ممارسة الجنس دون قراءة الفاتحة، هذا هو التفسير الوحيد الذي وجدته في الدين الإسلامي، فالزواج على الطريقة الإسلامية يشترط قراءة الفاتحة فقط.
__