الثلاثاء، 26 أغسطس 2008

إلحاد - لادينية - لاأدرية

-
الحاد - لادينية - لاأدرية ... ما الأقرب لك ولماذا؟
في البداية، علينا أن نحدّد ما معنى الإلحاد؟
ما معنى لاديني؟
ما معنى لا أدري؟
الإلحاد هو نظرة ماديّة للكون.
فما معنى ذلك؟
كلّ منا يعلم أنه يوجد في الواقع أشياء يمكننا رؤيتها أو لمسها أو قياسها.. هذه الأشياء تسمّى مادّة. وهناك، من جهة ثانية، أشياء لا يمكننا رؤيتها أو لمسها أو قياسها، ولكنها موجودة مع ذلك، كآرائنا، وعواطفنا، ورغباتنا، وذكرياتنا والخ.. ولكي نعبر عن كونها ليست مادّة نقول بأنها فكرة.
وهكذا نقسـّم كلّ ما هو موجود إلى مادة أو فكرة.
ومن هنا تبرز المشكلة: أيهما أسبق؟ المادة أم الفكرة؟
يعني، هل أن الأفكار هي نتاج للمادة؟ أم المادة هي نتاج للفكرة؟
بإختصار: في البدىء كان القول أم في البدىء كان الكون؟
الذي يرى أن المادة (الكون والطبيعة) خالدة، لا حد لها، أولية يتفرع عنها الروح (الفكر، الوعي). هذا له نظرة ماديّة للكون.
الذي يرى أن الروح (الفكر والوعي)، خالدة لا حد لها، أولية تتفرع عنها المادة (الكون والطبيعة). هذا له نظرة مثالية للكون.
صاحب النظرة الأولى هو الملحد، فهو يعتبر أن الكون هو المعطى الأوّل، وهو الذي أنتج الإنسان الذي أنتج بدوره الأفكار ومنها فكرة الله.
أما صاحب النظرة الثانية فهو المؤمن أو الديني أو المثالي أو اللاديني..، فهو يعتبر أن الفكرة المطلقة أو الله أو يهوه أو.. هي المعطى الأول وهي التي أنتجت الكون عبر : كن فيكون.
الديني واللاديني يتفقان حول الخالق ويفترقان حول طريقة هذا الخالق في التواصل مع مخلوقاته.
فالديني يؤمن بأن الخالق يتواصل مع البشر عبر البريد العادي (رسائل يحملها الرسل والأنبياء) بينما اللاديني يرفض هذه الطريقة البدائية ويفضّل الإعتقاد في تواصل ألكتروني.
أما اللاأدري، فيرى أن العقل البشري محدود ولا يمكنه البت في هذه المسائل.
عودة لسؤالك:
إختياري للإلحاد ليس نزوة أو حالة نفسية، وإنما هو موقف ونظرة ماديّة للطبيعة وللمجتمع.
لنأخذ هذا المثال:
في الحديث عن الحرب والسلم مثلا، النظرة المثالية تقرّر بأن السلم لا يمكن تحقيقه إلا بواسطة "تهدئة العقول"، وأنه يجب، إذا ما أردنا القضاء على الحرب، القضاء عليها في عقول الناس. لأن سبب الحروب ذاتي. أو كما يقول المحللون النفسيون هناك "غريزة للاعتداء" تكمن في وعي كل إنسان أو ما يسمى "بالكراهية الموروثة".
هذه النظرة لأسباب الحرب، هي نظرة مثالية يختلف عنها موقف النزعة المادية، فهي تقول أن سبب الحروب يكمن في واقع المجتمعات. الحروب في عصر الاستعمار هي الأزمات الاقتصادية التي تؤدي إلى البحث عن أسواق جديدة بواسطة القوة. وهذا قانون موضوعي وهو قانون الفائدة القصوى الذي يفسر لنا الحروب. أما فيما يتعلق بالأمور الذاتية كفكرة الحرب، والكراهية وغريزة الاعتداء.. فهي تتولد عن التناقضات المادية التي تُفرز وضعاً موضوعيًّا يستدعي الحروب. فالواقع الموضوعي هو الذي يفسر لنا ظهور الأمور الذاتية وليس العكس.

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

طرح راقي ومختصر .. شكرا لك معين

صديق سابق

Yazan Othman يقول...

ممتاز، احببت جدا الموضوع وطريقة العرض ولو كان لدي بعض التحفظات على بعض الأفكار الواردة..